التعليم بين المعادلة الورقية ومقتضيات القرن الواحد والعشرين
بغداد — News Plus Iraq
يُعيد التعاون العراقي–الياباني في تطوير مناهج علمية عبر تحويلها إلى ألعاب تعليمية طرح سؤال أعمق حول طبيعة التعليم في البلاد، بعيداً عن النقاش التقليدي حول الأبنية والمناهج، باتجاه مراجعة فلسفة التعلم ذاتها في نظام ما يزال يقوم على التلقين والاختبار النهائي.
ويرى الخبير التربوي فالح القريشي أن المبادرة تمثل انتقالاً من “تعليم الدرجة” إلى “تعلم المهارة”، مؤكداً أن التعلم التجريبي القائم على اللعب يعزز التفكير والإبداع مقارنة بالأسلوب الورقي التقليدي. ويشير إلى أن اليابان نجحت في ترسيخ هذا النموذج داخل المدارس عبر بناء مفاهيم علمية من خلال التجربة، لا الحفظ.
وتعكس المؤشرات الدولية اتساع الفجوة بين التعليم الشامل وجودته؛ فبحسب تقارير دولية، ما يزال العراق يسجل نسباً منخفضة في تقييمات الكفاءة الأساسية رغم ارتفاع نسب محو الأمية، فيما يواجه النظام الحكومي ضغطاً متزايداً مع توجه أكثر من مليوني طالب نحو المدارس الأهلية بحثاً عن تعليم أكثر انتظاماً وجودة.
ويحذر مختصون من أن استمرار هذا المسار دون إصلاح التعليم الحكومي سيعمّق الفجوة الطبقية، محولين التعليم من حق عام إلى امتياز اجتماعي. فيما يؤكد آخرون أن نجاح التجربة المرتبطة باليابان مرهون بتدريب المعلمين وتغيير فلسفة التدريس، لأن التكنولوجيا وحدها لا تصنع تعليماً حديثاً.
ويرى مراقبون أن الأزمة التعليمية لم تعد أزمة مناهج أو تمويل فقط، بل أزمة وعي برسالة المدرسة، إذ تحوّل أولياء الأمور إلى مراقبين للنتائج لا شركاء في بناء الوعي، فيما باتت الامتحانات غاية بحد ذاتها لا وسيلة لصناعة العقل.
وبينما تُطرح الحلول التقنية، تتزايد الدعوات لإعادة تعريف التعليم بوصفه فضاءً لبناء إنسان قادر على التساؤل لا مجرد حامل لشهادة. فنجاح مبادرة التعليم التفاعلي، وفق القريشي، قد يمهّد لتحول أعمق: من تعليم يُملَى إلى تعلّم يُكتسب بالتجربة — وهو الفارق بين نظام ينتج متلقين، وآخر يصنع جيلاً قابلاً للحياة في القرن الحادي والعشرين.