نيوز بلاس العراق

القاضي فائق زيدان: اتفاقية خور عبد الله شرعية وملزمة.. وقرار المحكمة الاتحادية لعام 2023 تجاوز الدستور

0

أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، أن اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله، المُبرَمة بين العراق والكويت في 29 نيسان 2012، تمثل معالجة فنية وإدارية لآثار جريمة غزو النظام الدكتاتوري للكويت عام 1990، وتستند إلى قرار مجلس الأمن الدولي رقم (833) لسنة 1993، الذي حدّد الحدود البحرية بين البلدين، دون أن تخلّ الاتفاقية بهذه الحدود كما نصّت مادته السادسة.
وأشار القاضي زيدان في مقال له إلى أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ وأصبحت ملزمة بموجب مبدأ “pacta sunt servanda”، أي “يجب احترام المعاهدات”، وهو من المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وقد تم استكمال إجراءات التصديق عليها من قِبل مجلس الأمة الكويتي.
وأوضح أن المحكمة الاتحادية ردّت الدعوى بشأن الاتفاقية لعدم استنادها إلى أساس دستوري أو قانوني، مما ثبت شرعيتها داخليًا، وحماها من أي طعن لاحق، في وقت اعتبرت فيه المحكمة نفسها، لاحقًا، القانون رقم (42) لسنة 2013 غير دستوري لعدم تصويته بأغلبية الثلثين.
وحذّر زيدان من أن اعتماد هذا التفسير قد يؤدي إلى إبطال أكثر من 400 اتفاقية دولية أُبرمت سابقًا بأغلبية بسيطة، وهو ما يُهدد بإسقاط المنظومة التعاقدية للدولة العراقية بأثر رجعي.
وفي معرض حديثه عن مبدأ العدول القضائي، بيّن أن العدول يُعد أداة استثنائية في التشريع العراقي، وحدّد المشرّع شروطًا صارمة لممارسته، محصورًا بالهيئة العامة لمحكمة التمييز فقط، ولا يجوز أن يمس الأحكام النهائية أو الحقوق المكتسبة، حفاظًا على مبدأ حجّيّة الأحكام واستقرار التعاملات.
وفي هذا السياق، انتقد رئيس مجلس القضاء الأعلى ما قامت به المحكمة الاتحادية في قرارها الصادر بتاريخ 4 أيلول 2023، حيث وصفت تراجعها عن حكمها القطعي الصادر عام 2014 بشأن الاتفاقية بأنه “عدول”، رغم أن العدول لا يجوز أن يمسّ حكمًا نهائيًا، مشيرًا إلى أن هذا التصرف يتجاوز الطبيعة القانونية للنظام الداخلي للمحكمة، الذي لا يرقى إلى مستوى القانون، وبالتالي لا يحق له توسيع صلاحيات المحكمة أو منحها اختصاصًا غير منصوص عليه في الدستور.
واعتبر زيدان أن المحكمة، بتصرفها هذا، خرقت مبدأ حجّيّة الأمر المقضي فيه وأثارت فراغًا تشريعيًا واضطرابًا دبلوماسيًا، إذ أن الحكم الملغى كان يُرتب التزامًا دوليًا مُودَعًا لدى الأمم المتحدة.
وختم زيدان بالتأكيد أن القرار القضائي لعام 2014 كان منسجمًا مع الدستور والقانون الدولي، وحقق يقينًا قانونيًا داخليًا وخارجيًا، في حين أن قرار عام 2023 افتقر إلى الأساس الدستوري والقانوني، وخلّف آثارًا خطيرة على الصعيدين القانوني والدبلوماسي.
وتعتبر اتفاقية خور عبد الله من الاتفاقيات التي تنظّم الملاحة بين العراق والكويت في الممر البحري المشترك، وتم التصديق عليها في البرلمانين العراقي والكويتي عام 2013.
في عام 2023، أصدرت المحكمة الاتحادية قرارًا اعتبر بعض إجراءات التصديق عليها غير دستورية، ما أثار جدلاً واسعًا داخليًا وخارجيًا.
الحكم القضائي لعام 2014 كان قد ثبّت صحة الاتفاقية، ما جعل القرار الجديد موضع طعن من حيث الاختصاص وآثاره القانونية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.