نيوز بلاس العراق

اعتذار معتمد المرجعية في البصرة تأكيد حياد النجف في الانتخابات

0

النجف – News Plus Iraq

أعاد اعتذار معتمد المرجعية الدينية العليا في البصرة، علي محمد رشاد المظفر، عن خطبته الأخيرة التي دعا فيها إلى المشاركة في الانتخابات وحدّد خلالها “قوائم لا يجوز انتخابها”، الجدل مجددًا حول موقف المرجعية العليا من العملية الانتخابية وحدود العلاقة بين المنبر الديني والموقف السياسي في العراق.

كان المظفر قد قال في خطبته إن “الانتخابات وسيلة للتغيير وحماية العراق من التنازلات”، لكنه أشار أيضاً إلى أنه “لا يجوز انتخاب القوائم التي لا تحافظ على الحشد، أو تتنازل عن خور عبدالله أو بادية السماوة، أو تسعى لتمرير أنبوب بصرة–عقبة وصولاً إلى الكيان الصهيوني”.

وبعد الجدل الذي أثارته تصريحاته، نشر المظفر مقطعاً مصوّراً أعلن فيه اعتذاره قائلاً: “أعتذر عن دعوتي السابقة للمشاركة في الانتخابات في خطبة الجمعة الماضية، وكان ذلك رأياً شخصياً لا يمثل المرجعية لا من قريب ولا بعيد.”

الاعتذار السريع أعاد التأكيد على سياسة الحياد الثابتة للمرجعية العليا في النجف، وحرصها على عدم الزجّ باسمها في أي دعاية أو توجيه انتخابي.

الخبير في الشؤون الاستراتيجية محمد التميمي أوضح أن “اعتذار معتمد المرجعية يعكس إصرار النجف على النأي بنفسها عن أي اصطفاف سياسي، فدور المرجعية أخلاقي وإرشادي لا انتخابي، وهي تترك الخيار للمواطن وفق ضميره وقناعته الوطنية”.

وأشار التميمي إلى أن “المرجعية تتعامل مع الانتخابات بوصفها وسيلة مدنية لا دينية، وتؤكد أن دورها يقتصر على التذكير بالإصلاح ومحاربة الفساد، دون دعم أي جهة أو قائمة”، مؤكداً أن “حادثة البصرة تُمثل تذكيراً عملياً بعدم استخدام المنبر الديني لتسويق المواقف السياسية”.

منذ عام 2003، حافظت المرجعية العليا في النجف بزعامة السيد علي السيستاني على موقعها كمرجع أخلاقي ووطني، لا كفاعل سياسي مباشر.

  • في عام 2004، كانت المرجعية أول من أصرّ على إجراء انتخابات حرّة لتأسيس الشرعية الدستورية.

  • في 2005، شجّعت على المشاركة دون دعم أي قائمة.

  • وفي 2018، أطلقت شعارها الشهير: “المجرّب لا يُجرّب”، كدعوة إصلاحية لا سياسية.

  • ثم جاء بيان عام 2021 ليحسم الموقف نهائياً: “المرجعية لا تدعم أي مرشح أو قائمة، وتدعو إلى مشاركة واعية بعيدة عن تأثير المال والسلاح.”

ويرى مراقبون أن المرجعية تعتمد مبدأ “المسافة الواعية” في تعاملها مع السياسة؛ فهي تؤمن بأهمية الانتخابات لكنها ترفض أن تكون طرفاً فيها. فعندما تشتد حمى التنافس أو ترتفع نبرة الطائفية، تختار الصمت حفاظاً على استقلالها، بينما تعود بخطاب إصلاحي عندما تتراجع القيم العامة.

حادثة معتمد البصرة جاءت لتؤكد من جديد أن المنبر الديني ليس ساحة انتخابية، وأن المرجعية تريد أن تبقى في موقعها التاريخي كصوت ضمير وطني جامع، لا كجزء من معادلة الاصطفاف الحزبي.

فمنذ عقدين، نجحت المرجعية في الحفاظ على خيط التوازن بين الدين والسياسة، بين النصيحة والموقف، بين الوطن والمذهب — لتقول بصمتها المعهود:
“القرار قراركم، والمسؤولية مسؤوليتكم.”

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.