مع اقتراب الانتخابات: “ذاكرة المنطقة الخضراء لا تزال حاضرة”
بغداد – نيوز بلس عراق
تعيش الساحة السياسية العراقية حالة توتر متزايدة مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، و وسط تصاعد الخطابات الحزبية المتوترة وتبادل الاتهامات بين الكتل المتنافسة.
المشهد الذي يصفه مراقبون بأنه “الأكثر هشاشة منذ 2003″، يعكس تراكم الأزمات وفقدان الثقة بالمؤسسات الانتخابية، فيما لا تزال ذاكرة العنف السياسي في أحداث المنطقة الخضراء عام 2022 حاضرة في الأذهان.
السياسي المستقل طلال الجبوري دعا في حديثه إلى “ضرورة الحذر من تنامي مؤشرات التوتر بين القوى السياسية”، مشيراً إلى أن “الخطاب السياسي في الأيام الأخيرة اتجه نحو التصعيد والاتهامات المتبادلة، ما يثير مخاوف حقيقية من احتمال وقوع مواجهات قد تنعكس على الشارع العراقي”.
التحذيرات لم تقتصر على الجبوري، إذ كان رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي قد حذر هو الآخر من “احتمال تصادم القوى السياسية بعد إعلان النتائج”، مؤكداً أن ضعف أدوات الضبط المؤسسي يجعل البلاد عرضة لتكرار سيناريوهات العنف السياسي.
وتعيد هذه المخاوف إلى الأذهان ما جرى عقب انتخابات 2021، حين اندلعت اشتباكات مسلحة بين عناصر من سرايا السلام وفصائل من الحشد الشعبي داخل المنطقة الخضراء، في واحدة من أعنف لحظات الاحتكاك السياسي التي شهدتها بغداد خلال العقد الأخير.
ويرى محللون أن الخطاب السياسي الحالي يعيد إنتاج أجواء ما بعد انتخابات 2021، لكن بحدة أكبر، إذ تحاول القوى المتنافسة استخدام الإعلام والشارع كورقة ضغط تفاوضي قبل تشكيل الحكومة المقبلة.
الجبوري شدد على أن “المرحلة الحالية تتطلب من الجميع التحلي بالمسؤولية الوطنية، والاحتكام إلى القانون في معالجة الطعون بدلاً من النزول إلى الشارع أو فرض الإرادات بالقوة”، محذراً من أن “أي انزلاق نحو العنف قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية ويهدد التجربة الديمقراطية برمتها”.
ويضيف أن “الاقتتال السياسي، إذا ما اندلع، لن يخدم أي طرف، بل سيقوض العملية الديمقراطية ويعيد البلاد إلى الفوضى”، داعياً القيادات إلى “طمأنة جماهيرها وقبول مبدأ التداول السلمي للسلطة”.
ويجمع المراقبون على أن امتحان الديمقراطية الحقيقي في العراق يبدأ بعد إعلان النتائج، لا يوم التصويت. فالتحدي اليوم، كما يقول أحد الباحثين، “هو أن تظل صناديق الاقتراع أقوى من صوت البنادق، لأن أي انتصار انتخابي لا قيمة له إذا كان ثمنه خسارة الوطن”.