“داعش أولاً”.. واشنطن تعيد تعريف وجودها في العراق وتحوّل ثقلها نحو كردستان
بغداد – نيوز بلس عراق
تمرّ العلاقة بين بغداد وواشنطن بمرحلة إعادة ضبط دقيقة، إذ قررت الولايات المتحدة تقليص مهامها في العراق إلى مكافحة تنظيم داعش فقط، مؤجلةً الملفات الخلافية الأخرى كالنّفوذ الإيراني والسلاح المنفلت ومستقبل الوجود العسكري إلى إشعارٍ آخر.
بحسب مصادر أميركية، فإن مهمة القوات الأميركية أُعيد تعريفها بوضوح لتصبح مواجهة خطر داعش “الذي يشكل تهديداً عابراً للحدود”، في وقتٍ تشير فيه قراءات أمنية إلى أن واشنطن تسعى لتجنّب تكرار سيناريو الاستنزاف الذي واجهته في أفغانستان.
نقل مركز الثقل إلى كردستان
في ترجمة عملية لهذا التحوّل، بدأت الولايات المتحدة بنقل مركز قيادتها العملياتية إلى أربيل، لتكون عقدة تنسيق رئيسية مع القوات العراقية والكردية والسورية، مع تقليص الوجود في بغداد والأنبار.
وتوضح تقديرات ميدانية أن هذا التموضع يهدف إلى تجنّب ضغط الفصائل في الوسط والجنوب، وتعزيز مراقبة الحدود مع سوريا حيث تنشط بقايا التنظيم.
علاقة “ثنائية مؤقتة”
مسؤول أميركي أكد أن العلاقة الحالية باتت “بين جيشين لا بين حكومتين”، وأن الشراكات المستقبلية ستُبنى “فقط بموافقة الطرفين”، في إشارة إلى رغبة واشنطن بتجنّب الالتزامات الطويلة والتحالفات الثقيلة.
وتشير تحليلات إلى أن هذا النهج ينسجم مع استراتيجية الانسحاب المرن التي تتبعها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط منذ 2021.
تنسيق غير معلن مع دمشق
في سياق موازٍ، بدأت واشنطن بمحاولات تخفيف التوتر بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية، معتبرةً أن مواجهة داعش في سوريا تقلل من مخاطر تمدده نحو العراق. ويرى محللون أن هذا التحرك براغماتي وليس اصطفافاً سياسياً، هدفه منع التنظيم من استغلال السجون والمخيمات التي تضم مقاتليه.
اختبار للعراق
هذه الاستراتيجية الجديدة تضع العراق أمام اختبار أمني ومؤسسي صعب. فالهجمات المتكررة في ديالى وكركوك والبادية تعكس استمرار هشاشة بعض المناطق، فيما يرى خبراء أن غياب الإصلاحات في أجهزة الأمن والقضاء سيُبقي البلاد عرضةً للفراغات التي يستغلها الإرهاب.
ملفات مؤجلة
ورغم استمرار التعاون الأمني، تبقى الملفات الكبرى — النفوذ الإيراني، السلاح المنفلت، ومستقبل الوجود الأميركي — مؤجلة إلى مرحلة لاحقة، ما يجعل العلاقة بين بغداد وواشنطن محكومة بشعار واحد مؤقت: “داعش أولاً”.