تحولات الشرق الأوسط: انحسار النفوذ الأميركي والإيراني وصعود القوى الإقليمية
بغداد — News Plus Iraq
تتبدل خريطة النفوذ في الشرق الأوسط بوتيرة متسارعة، مع تراجع الدورين الأميركي والإيراني التقليديين اللذين شكّلا لعقود محور التوازن في المنطقة، وظهور قوى إقليمية جديدة تسعى لملء الفراغ وإعادة صياغة المشهد، في مقدمتها تركيا وعدد من الدول العربية الكبرى.
وقال الخبير في العلاقات الدولية حسين الأسعد في حديث لـ”بغداد اليوم” إن المنطقة “تشهد تحوّلاً واضحاً في موازين القوة، مع انحسار التأثير الأميركي والإيراني مقابل صعود تركيا والسعودية والإمارات وقطر ومصر، كعناصر فاعلة في صياغة التفاهمات المستقبلية”.
وأوضح الأسعد أن الولايات المتحدة انتقلت إلى سياسة الانخراط الانتقائي في ملفات الشرق الأوسط، بعد أن أصبحت أولوياتها متركزة على آسيا والاقتصاد والأمن الداخلي، في حين تواجه طهران ضغوطاً اقتصادية متزايدة وعقوبات دولية تقلص من قدرتها على إدارة نفوذها الإقليمي.
وأشار إلى أن تركيا برزت كقوة إقليمية محورية من خلال تعزيز نفوذها في مجالات الطاقة والممرات التجارية والدفاعية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الحيوي وشراكاتها الاقتصادية مع الدول العربية، ما جعلها “رقماً صعباً في معادلة التوازن الجديدة الممتدة من البحر الأسود إلى الخليج”.
ويرى الأسعد أن الدول العربية الكبرى باتت تمتلك قوة اقتصادية ودبلوماسية متنامية تسمح لها بقيادة مشاريع عابرة للحدود في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة والنقل البحري، عبر مقاربات أكثر استقلالية في ملفات الأمن الإقليمي وأمن الطاقة.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد اعتماداً متزايداً على الحلول الإقليمية للأزمات السياسية والأمنية، بدلاً من الارتهان للتدخلات الدولية، مشيراً إلى أن الدبلوماسية العربية أصبحت أكثر حضوراً في ملفات التهدئة وإعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي.
ويخلص الأسعد إلى أن النظام الدولي يتجه نحو مزيد من اللامركزية وتعدد الأقطاب، ما يمنح الدول الإقليمية مساحة أوسع لصناعة القرار، مؤكداً أن السنوات المقبلة ستشهد ولادة تحالفات جديدة وفرصاً اقتصادية غير مسبوقة تعيد رسم مشهد الشرق الأوسط بعيداً عن الاحتكار التقليدي للقوى الكبرى.
ويرى باحثون جيوسياسيون أن الشرق الأوسط يتجه نحو نظام متعدد المراكز، تتراجع فيه فكرة المحاور المغلقة لتحل محلها شبكات مصالح اقتصادية وسياسية مفتوحة، ويبرز العراق كساحة رئيسية لتوازن القوى الإقليمية الجديدة.