نيوز بلاس العراق

المال الأسود يهدد نزاهة الانتخابات العراقية ويحوّل الفقراء إلى هدف انتخابي

0

بغداد – News Plus Iraq

تتسع رقعة الجدل السياسي في العراق مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية 2025، لكن ما يطفو على السطح هذه المرة لا يتعلق بالبرامج الانتخابية أو التنافس المشروع، بل بظاهرة المال السياسي الأسود التي باتت تهدد جوهر العملية الديمقراطية وتحوّل المشاركة الشعبية إلى خضوع اقتصادي في الأحياء الفقيرة والعشوائيات.

تشير تقارير ميدانية إلى أن المال السياسي لم يعد وسيلة دعم انتخابي بل أداة لتطويع إرادة الناخبين عبر شراء الأصوات والولاءات، في ظل ضعف الرقابة القانونية وتراجع ثقة المواطنين بالمؤسسات الانتخابية.

النائب السابق أيوب الربيعي قال في تصريح صحفي إن “الإنفاق غير المسبوق للمال السياسي الأسود من قبل بعض القوى، خصوصاً في المناطق الفقيرة، يثير كثيراً من علامات الاستفهام حول نزاهة الانتخابات المقبلة”، داعياً المفوضية العليا المستقلة للانتخابات إلى اتخاذ “إجراءات صارمة ضد الجهات التي تموّل هذه الممارسات غير المشروعة”.

ويرى خبراء في الشأن السياسي أن هذه الظاهرة تشكل خرقاً واضحاً لمبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه في قانون الانتخابات، وتؤسس لمرحلة جديدة من التزييف المقنّن تحت غطاء الشرعية، ما يهدد ثقة المواطن بالعملية الديمقراطية برمتها.

ويؤكد مختصون في القانون الدستوري أن القانون العراقي يجرّم شراء الأصوات والتأثير المالي المباشر في العملية الانتخابية، إلا أن التطبيق العملي ظل ضعيفاً نتيجة غياب التنسيق بين الأجهزة الأمنية واللجان القضائية، وضعف الإرادة التنفيذية في مواجهة الضغوط الحزبية.

تشير دراسات مقارنة إلى أن دولاً مثل لبنان ونيجيريا جرّمت المال الانتخابي بوصفه جريمة تمس الأمن الديمقراطي، بعد أن تبيّن أن تأثيره لا يقل خطورة عن التزوير المباشر في صناديق الاقتراع.

ويضيف الربيعي أن “بعض القوى السياسية التي تخشى الخسارة تستخدم الأموال التي جنتها من صفقات فاسدة للتأثير على إرادة الناخبين”، مشيراً إلى أن “المال الأسود أصبح وسيلة لتزييف الوعي العام وليس فقط شراء الأصوات”.

ويحذّر مراقبون من أن استمرار هذه الممارسات سيحوّل الانتخابات إلى طقس شكلي لإعادة إنتاج الطبقة السياسية ذاتها، ويُفرغ فكرة التداول السلمي للسلطة من مضمونها الحقيقي، إذا لم تُفعّل المفوضية والجهات الرقابية أدواتها القانونية بحزم واستقلالية.

وفي قراءة ختامية، يرى محللون أن المال الأسود بات آلية سياسية تُدار بها الانتخابات في العراق، وأن ضعف الردع القانوني سمح بتحوّله إلى سلوك مشروع تحت غطاء ديمقراطي زائف. فحين تُشترى الأصوات وتُباع الإرادات، لا تعود الديمقراطية خياراً حراً، بل صفقة تكرّس الفشل باسم الشعب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.