احتجاجات في ميناء أم قصر بسبب أنظمة الأتمتة الجديدة وتكدس المواد
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات في ميناء أم قصر بمحافظة البصرة، اليوم الخميس، على خلفية إدخال أنظمة أتمتة جديدة أثارت استياء شريحة واسعة من سائقي الشاحنات والعاملين في القطاع اللوجستي، في ظل تكدس البضائع داخل الميناء وخطر تعرضها للتلف.
سائقون: إجراءات غير مدروسة وشلل في حركة النقل
وأفاد عدد من سائقي الشاحنات في تصريحات خاصة أن الأنظمة الجديدة التي اعتمدتها إدارة الميناء مؤخراً تسببت بتأخير كبير في عمليات التخليص الجمركي وتحميل الشاحنات، ما دفع عشرات السائقين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على ما وصفوه بـ”الإجراءات غير المدروسة”.
وقال أحد السائقين: “نقف في طوابير طويلة منذ أيام دون أن نتمكن من استلام حمولاتنا، بسبب خلل واضح في تطبيق نظام الأتمتة الجديد”، مشيراً إلى أن “الأتمتة كان من المفترض أن تسرع الإجراءات، لا أن تعرقلها”.
وأضاف آخر: “هناك شركات غير مهيأة للتعامل مع النظام، ولا توجد كوادر مدربة كفاية، ما تسبب بإرباك كبير وتعطيل للحركة التجارية”.
تكدس الحاويات وتهديد بسلامة المواد المخزونة
وبحسب عدد من المتظاهرين، فإن كميات كبيرة من البضائع، من بينها مواد غذائية وأدوية ومواد أولية صناعية، لا تزال مكدسة داخل ساحات الحاويات منذ أكثر من أسبوع، ما يعرضها لخطر التلف، خصوصاً في ظل درجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها محافظة البصرة خلال شهر تموز.
وأشار أحد العاملين في النقل إلى أن “غياب الإجراءات الطارئة لتسريع إخراج البضائع المجمّدة والمبردة، يعرض المستوردين لخسائر فادحة، بل وقد يؤدي إلى كارثة غذائية وصحية”.
ردود رسمية: الأتمتة هدفها مكافحة الفساد وتسهيل الإجراءات
من جهتها، لم تصدر حتى ساعة إعداد التقرير أي توضيحات رسمية بشأن تفاصيل الأعطال أو التأخيرات التي يشتكي منها السائقون.
غير أن مصادر مطلعة أكدت أن “التحول نحو الأتمتة يهدف إلى تقليص التداخل البشري والحد من الفساد المالي والإداري الذي كان سائداً في الميناء لسنوات، لكن التطبيق السريع دون جاهزية تقنية وبشرية كاملة قد أوجد هذه الفجوة”.
دعوات لتأجيل التطبيق وتوفير بدائل
وطالب سائقو الشاحنات والمستوردون الجهات الحكومية بالتدخل العاجل لإيجاد حلول عملية، داعين إلى “تأجيل تطبيق النظام الجديد لحين تهيئة البنية التحتية والكوادر اللازمة، أو على الأقل العمل بأنظمة مزدوجة تسمح باستمرار الإجراءات اليدوية إلى جانب الإلكترونية مؤقتاً”.
كما لوّح بعض السائقين بمواصلة الاعتصام أمام بوابات الميناء لحين الاستجابة لمطالبهم، مؤكدين أن استمرار الأزمة قد ينعكس سلباً على الأسواق المحلية في مختلف المحافظات.
خسائر مرتقبة في القطاع التجاري
وتُعد أزمة الأتمتة في ميناء أم قصر إنذاراً مبكراً لما قد تواجهه باقي المنافذ العراقية في حال عدم التمهيد الفني والبشري الكافي قبل التحول الرقمي الكامل، إذ يعد الميناء الشريان الأساسي للتجارة في البلاد، وأي خلل فيه ينعكس على مستوى السلع المتوفرة والأسعار.
ويرى مراقبون أن غياب التنسيق بين الجهات الحكومية ذات العلاقة – من الجمارك إلى النقل إلى شركات التشغيل – يؤدي غالباً إلى مثل هذه الأزمات التي تعصف بقطاع حيوي يشكل أساس الاستقرار الاقتصادي في العراق.