انسداد دستوري بتفكك المحكمة الاتحادية.. تأجيل الانتخابات ام حل الأزمة على طريقة 2021؟
منذ تسرب معلومة استقالة 9 قضاة بين اصلاء واحتياط في المحكمة الاتحادية العليا، تحول الامر الى وجبة رئيسية على مائدة السياسة العراقية، وذلك لأن مدخلات وأسباب هذا التطور مهمة ومخرجاته اكثر أهمية والتي تتمثل بإمكانية تأثر الانتخابات.
وبالرغم من عدم وجود اعلان رسمي، الا ان معلومات نشرتها وسائل اعلام وتقارير ونواب في البرلمان العراقي اكدت استقالة 6 من اصل 9 عضاء اصلاء في المحكمة الاتحادية، و3 من اصل 4 قضاة احتياط، وذلك احتجاجا على تحرك من رئيس المحكمة الاتحادية بطلب اجتماع شامل وضخم يضم السلطات القضائية والقوى السياسية للفصل بالنزاع بين المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز القضائية، ومن منهما يكون قراره هو البات والملزم والنهائي، الامر الذي أدى لاستقالة القضاة معتبرين ان هذا التحرك يعني فسح المجال للقوى السياسية للتدخل بعمل القضاء.
لكن هناك أسئلة أكثر أهمية رافقت القصة، منها هل المحكمة الاتحادية الان تعتبر “منحلة” باعتبار انه من بين 9 قضاء اصلاء لم يتبقى سوى 3 رئيس المجلس وعضوين في المحكمة، وهناك عضو رابع احتياط حتى اذا تم استدعائه كأصيل فسيكون العدد 4 وغير كاف على تحقيق نصاب المحكمة الذي يتطلب حضور جميع القضاة على الاطلاق (9 أعضاء) للانعقاد، وتؤخذ القرارات بالأغلبية البسيطة او اغلبية الثلثين حسب أهمية القرار.
الامر الاخر الأكثر أهمية هو التساؤل عن مصير الانتخابات المقبلة، حيث ان المحكمة مختصة بالمصادقة على نتائج الانتخابات ويكون تدخلها مطلوبا أحيانا في تفسيرات والطعن بعضوية نواب وصحة نتائج وغيرها من القضايا في العملية الانتخابية، لذلك اذا استمرت استقالة القضاة رسميا الى النهاية يعني ان المحكمة لن تكون موجودة، ومن الصعوبة ان يتم إقرار قانونها من قبل مجلس النواب والمعطل منذ سنوات.
لكن يمكن إعادة تعيين 5 قضاة جدد وفق ذات الطريقة التي تم بها الامر عام 2020 عندما كانت المحكمة معطلة بوفاة قاضيين اثنين، واحالة قاضٍ ثالث الى التقاعد، الامر الذي انتهى بتعديل المادة 3 من قانون المحكمة الاتحادية لعام 2005 والتي اعترضت عليها المحكمة الاتحادية ذاتها بان ترشيح قضاة المحكمة الاتحادية لا يجب ان يكون من قبل مجلس القضاء الأعلى، قبل ان يتم إيجاد صيغة عام 2021 بان قضاة المحكمة الاتحادية يتم ترشيحهم باجتماع تشاور بين رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية ورئيس هيئة الاشراف القضائي، لاختيار القضاة المرشحين للمحكمة الاتحادية، وهو ما حصل عام 2021 وتشكيل المحكمة الاتحادية العليا الحالية.
لذلك فإما يتم تجاوز المعرقلات السياسية والقضائية سريعا والذهاب الى هذا الاجتماع وتأسيس محكمة اتحادية جديدة، او عدم وقوع حالة الاستقالة فعليا أساسا وتراجع القضاة عنها خصوصا وانها لم تعلن رسميا بعد، او ان يكون خيار اجراء الانتخابات مستبعدا، وهو خيار مثير للقلق مع الأوضاع الحالية في المنطقة وقد تقود بالفعل الى اختلال خارطة التوازن والسلطة السياسية في العراق.