الطيران العراقي بين الحظر الأوروبي والإصلاحات التقنية: “الطائر الأخضر” يترقّب الإقلاع نحو أوروبا
بغداد — News Plus Iraq
منذ عام 2015، يواجه الطيران العراقي حظراً أوروبياً مشدداً فرضه الاتحاد الأوروبي لأسباب تتعلق بـ”مخاوف أمنية خطيرة” و”عدم الامتثال للمعايير الدولية للطيران”، ما حرم شركة الخطوط الجوية العراقية من التحليق فوق أجواء أوروبا طوال عقدٍ تقريباً.
ورغم الوعود المتكررة والإصلاحات الفنية والإدارية التي أعلنتها بغداد، ما يزال “الطائر الأخضر” ممنوعاً من التحليق في القارة العجوز، وسط جهود حثيثة تبذلها وزارة النقل العراقية لرفع الحظر خلال العام المقبل.
لجنة فنية ومساران للإصلاح
المتحدث باسم الوزارة ميثم الصافي أكد أن العمل يجري عبر لجنة مختصة بالتعاون مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) للحصول على شهادتي IOSA الخاصة بالسلامة التشغيلية، وTCO الخاصة بمشغلي البلد الثالث.
وأوضح الصافي أن رفع الحظر يعتمد على مسارين رئيسيين:
-
معالجة الملاحظات الفنية والإدارية التي حددها الاتحاد الدولي ضمن برنامج “إيوسا”.
-
الحصول على شهادة “TCO” الأوروبية التي تمهد لعودة الرحلات إلى دول الاتحاد.
وأشار إلى أن الخطوط الجوية العراقية أنجزت 79% من برنامج التصحيح الفني، الذي تضمن إدخال أنظمة رقمية جديدة لمراقبة أداء الطائرات، وتعزيز توكيد الجودة، وتطبيق الحقيبة الإلكترونية للطيارين، فضلاً عن تحديث دلائل التشغيل والصيانة.
إصلاحات بنيوية وتحالفات دولية
بحسب الصافي، أطلقت الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية سلسلة عقود استشارية مع جهات دولية، بينها اتفاق مع IATA لتوفير فريق خبراء دوليين يشرف على تنفيذ الإصلاحات الفنية المطلوبة، بالإضافة إلى التعاقد مع شركات أجنبية للخدمات الأرضية والشحن الجوي.
وأكد أن العراق يسعى من خلال هذه الجهود إلى إعادة فتح الأجواء الأوروبية أمام طيرانه الوطني، وهو ما سيعزز الإيرادات ويعيد للشركة مكانتها التنافسية، مشيراً إلى أن إيرادات الخطوط الجوية العراقية بلغت في 2024 أكثر من 724 مليار دينار.
خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات
لكن استمرار الحظر يحمل كلفة مالية باهظة. فبحسب خبير الطيران نمير القيسي، يخسر العراق سنوياً ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار نتيجة غياب الرحلات المباشرة إلى أوروبا، إذ يقدّر عدد العراقيين المقيمين في القارة الأوروبية بين أربعة إلى خمسة ملايين شخص يحتاجون إلى خطوط مباشرة بين بغداد ومدن مثل لندن وباريس وستوكهولم.
ويقول القيسي إن “الرحلة المباشرة بين لندن وبغداد لا تستغرق أكثر من خمس ساعات ونصف، لكن الترانزيت قد يمتد إلى 13 ساعة”، لافتاً إلى أن هذه الفجوة الزمنية تزيد من التعب والإرهاق وتضعف الجدوى الاقتصادية للمسافرين.
معاناة إنسانية للمسافرين والمرضى
العديد من العراقيين المقيمين في أوروبا يؤكدون أن الحظر جعل السفر إلى العراق “رحلة شاقة”.
يقول حسام الناصري المقيم في السويد إن “الترانزيت يزيد زمن الرحلة ويضاعف التكلفة، خاصة للعائلات وكبار السن”.
أما سرمد الطائي المقيم في هولندا فيشير إلى أنه كان يزور أهله في بغداد كل عام، لكنه اليوم يفعل ذلك “مرة كل ثلاث سنوات” بسبب غياب الخطوط المباشرة.
كما تحكي زمن علي، التي رافقت والدها المريض في رحلة علاجية إلى لندن، أن “التوقف الطويل في مطار دبي فاقم حالته الصحية”، مضيفة أن “رحلة العودة كانت أكثر إرهاقاً من الذهاب”.
تمديد أوروبي جديد
وفي حزيران الماضي، مدد الاتحاد الأوروبي الحظر لستة أشهر إضافية بسبب “نقص متطلبات السلامة وعدم الامتثال لإرشادات الطيران المدني الدولي”، ما يعني أن الطريق لا يزال طويلاً أمام بغداد لاستعادة ثقة أوروبا.
ورغم ذلك، يرى مراقبون أن الجهود الأخيرة في تطوير الأنظمة التشغيلية والتحول الرقمي في الصيانة والرقابة قد تشكل خطوة حاسمة نحو رفع الحظر خلال العام المقبل، بما يعيد “الطائر الأخضر” إلى سماء القارة الأوروبية ويمنح العراقيين مجدداً حق السفر المباشر دون ترانزيت مرهق أو خسائر متكررة.